منزلي في كل مكان

كنا نجلس مع الجيران، كنا نتسامر ونضحك، كنا نتذكر الماضي فحينا نبكى وحينا نضحك. طلبت منى أمي الذهاب للشراء خرجت ذهبت للشراء من شارع أخر، سمعت دويا مروعا, الأرض اهتزت، خفت جريت إلى أين؟ لا أدرى. ذهبت إلى مكان غريب.
أين أنا؟ أهذا منزلنا؟ أهذه دارنا؟ التي كانت عامرة بالضحكات، بالخير منذ لحظة ، ماهذا السائل الأحمر؟ إنه الدم لكن دم من؟
دم أبي، دم أمي، أم دم أختي الرضيعة، أم الدم الذى روى تلك الأراضي عبر السنين. لم أدر؛ لأنني فجأة أسود العالم في وجهي، سقطت.. لكنى لم أشعر بالارتطام لأني نزلت في هوة سحيقة لا أدرى أين نهايتها، في هذه الهوة العالم مظلم لكن هنالك دم هنالك أشلاء الشهداء، مرت ذكريات حياتى التى لم تتجاوز الأحد عشر عاما أمام عيني، وقفت عند تلك الذكرى التي كانت قد حُفظت وأنا في الثامنة من عمري. هذا أبي يجوب شوارع المدينة معي قائلا: يوما ما ستجوب الأراضى المحتلة كما تجوب معى هذه الشوارع الآن، يوما ما ستصلى بالأقصى ستسمع أجراس الكنائس سيعود إحترام الأديان إلى ارض كل الأديان.
الآن لقد جاء الصباح استيقظت لكني مازلت في تلك الهوة السحيقة، وقفت لكني شعرت بدوار، بحثت عن منزلنا فقد ضاع بين بقايا العمران. هذا هو، وجدته، لكن!! أين أمي؟ أين أبى ؟ أين أختي؟ هناك أناس. أعرف تلك الوجوه ليست بغريبة علي لكن كساها الحزن الذى جعل الملامح لم تعد تلك الملامح فجأة من تحت الانقاض ظهرت .......
ظهرت أمى لكنها لا تتحرك لا تقول تعالي إلى، لا تحدثني عن ذكريات الماضي لا تضمني إلى صدرها لا أسمع أنفاسها، أهى ميتة؟! لم يطل انتظاري فقد جاء الجواب سريعا، جاءني صوت عميق من ورائي: " البقاء لله يا ولدي" يرعاك ولا ينساك القوي العزيز. هذا ما قاله لكن، هل معنى ذلك أن أبي وأختي ماتوا أيضا؟ لم يطل هذا السوال بدون جواب، فها هما يرقدان هناك لكن الوجوه خاليه من الحياة هبت العاصفة مرة أخرى ربما أقوى من الأولي ولكن تلك الهوة التى سقطت فيها لم اخرج منها بعد، لم تقوَ قدماي على حملي لكني كافحت، لم أشأ أن أقبل أسرتي قبلة الوداع فهم دائما معى هنا، في قلبي، أصبحت مواطنا بلا وطن، مشيت في الشوارع في كل مكان دم، أشلاء، ضحايا منازل مهدمة. رأيت أطفالا مشردين تائهين لكنهم مثلى لا يبكون. وقالوا لنا: توجهوا إلى المدارس، لكن هيهات الحصول علي الأمان، في داخل المدرسة عشرات الأطفال. منهم من فقد كل عائلته مثلى، ومنهم من بقي له فرد أو اثنان، داخل المدرسة محيت ذكريات طفولتى الباكرة. لم يعد هناك سوى تلك الذكريات التى بنيت منذ أول دوي سمعته؛ ذلك الدوي المشئوم الذي دمر منزلي، وقتل عائلتي، ذلك الدوي الذي حرمني طفولتي الذي جعلني أكبر قبل الأوان بأوان، وفى المدرسة قليل من الماء ومن الطعام، ملابس رثة بالية. وهواء يلسع كألف سكين فى الأبدان، هواء رطب مخلوط برائحة الدخان، هواء بارد لكن يشعل في آلاف النيران، هواء بارد برود القتلة هادمى العمران، في كل لحظة تقشعر من الخوف الأبدان، نظرت في الوجوه فإذا خلف كل وجه يطرح ألف سؤال وسؤال في الأذهان، لماذا يكره إنسان أخيه الإنسان؟ هؤلاء الأطفال لماذا دفنت برائتهم وطفولتهم؟ لماذا تمحى البسمة من على وجوههم؟ لماذا يطل الحزن من أعينهم؟ لماذا في مكان من الفترض أنه موجود للإنسان تخرق فيه كل حقوق الإنسان. ووسط ذلك الزحام دوت القنابل من جديد، ولكن داخل المدرسة، ذهبت لأنظر من النافذة، لكني لم أستطع فالنار تلتهم النافذة كما التهم الحزن والغضب قلبي، ومرة أخرى سقطت، ولكن ليس فى الهوة السحيقة، بل في أكبر أخدود من النار، كانت تلك النارتحرق جسدي، لكنها كانت تغذي الكراهية بقلبي، قلبي الذي كان في يوم من الأيام يكن الحب لكل إنسان، الذي كان يغني أناشيد الحب بالصوت الرنان، أصبح ذلك القلب ليس به مكان سوى للكره، كره من مثله من بني الإنسان، من أخرجوا آباءه من ديارهم منذ زمان، والآن يريدون إخراجه مما بقي له من أرض الأوطان، من كرهوه بدون سبب وبدون بيان، أو هؤلاء إخوته من بني الإنسان. وأغمضت عيني ودخلت إلي مكان لم أتبين معالمه لكن لايهم فهناك وجدت دفء الحنان وجدت أمى وأبى، وجدت أختي الرضيعة قبلتني أمي بكل حنان، وقالت: أصبر ولا تكره وأبقي الحب مكنونا فى قلبك لمن يجب أن تحب من بنى الإنسان، وقال أبي: حافظ على تلك الشوكة داخل حلق العدو.
اختفوا، صرخت: أبى، أمي، لكن لم أسمع سوى تردد صوتي في الأرجاء. في الصباح أشعر بألم فى كل موضع من جسدي، المكان من حولي يعج بالناس، رائحة المطهر تملأ أنفي، حاولت التحدث لرجل كان يقف بجواري لكن صوتي أنحبس داخل حلقي ، التفت الرجل بعد حين ورمقنى بطرف عينه وقال: حمدا لله على سلامتك أصبت ببعض حروق خطيرة ولكنك نجوت هذا هو المشفى.
بقيت فيه عدة أيام ولم أفهم سوى أننى أصبت فى انفجار، يقال أنها قنبلة فسفورية، ما معنى ذلك؟ لا أعرف، وبينما أنا هناك كنت أسمع الدوي وصوت سيارات الإسعاف، سمعت آهات الجرحى ورأيت بعيني مئات الشهداء، سمعت أمهات يصرخن، وآباء يبكون، وأطفالا يئنون، ولكن في أحد تلك الأيام توقف الدوى، أو هكذا قيل لي، ولكن ما زال صداه يتردد فى أذنى حتى الآن، خرجت لكن الى أين؟ لا أعرف، ولكن تذكرت مقولة أبي في غزة هذه الأرض منزلى، " منزلى هو كل مكان "
" منزلى هو كل مكان "[/size][/size]

]هذه القصة من أروع القصص التي رأيتها فانها تأليف عباقرة كبار . وسأقول كلمة أخيرة وهي :
ان ربنا ينمي مواهبكم

نشكرك جزيلا شجرة الحياة، وبالفعل هي قصة جميلة، أقول ذلك بحكم خبرتي في النقد الأدبي، وإن شاء الله بمساعداتكم معنا، نتمكن من إنشاء نادي للموهوبين في المدرسة، ينمي هذه المواهب ويحميها ويحافظ عليها من الضياع، ألف شكر لك مرة ثانية، مع خالص تحياتي وشكري.

شكرا على القصة الجميلة دى ....اتمنى اشوف كتتتتير زيها واحسن

بسم الله...
بارك الله فيكم يا غاليتي (ياسمين)؛ وأفتخر بوعيك العميق بقضايا أمتك وأبنائها!
استمري -يا رعاك الله- سدد ربي على الخير خطاك!
[size=24]وفي رضى الله دمتم أجمعين/size]

بجد اعجز عن وصف شعورى بهذه القصه الرائعه - ربنا يوفقك وموهبتك تكبر وتألفى قصص كرتون زى بكار والقصص الهادفه

لم أستطع التوقف عن الرد علي هذه القصة الرائعة التي لم يستطع لساني يوصف مدي تأثري
بهذه القصة واعجابي بمدي أحاسيس ياسمين التي وضعتها وعكستها في نفوسنا

هذه القصة من اروع القصص التي رايتها في حياتي من انشاء طالبة لا تتجاوز الخامسة عشر سنة فانها احاسيس أديبة كبيرة لها خبرتها في الادب . فانني اوجه خالص الشكر للأديبة ياسمين واتمني لها مستقبل باهر ان شاء الله